السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها)
هو الله الذي لا إله إلا هو الحليم.....
قال تعالى:
وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا
(سورة فاطر )
هذه الآية يُستنبط منها اسم الحليم, فالحليم من اسماء الله الحسنى وهو من اسماء الأفعال و يعني أن الله يؤخر العقوبة ، أما إذا قلنا الحليم من أسماء الذات أو أسماء الصفات فمعنى ذلك أن الله سبحانه وتعالى لا يحقد .
لماذا يؤخر العقوبة ؟ وهذا السؤال وجيه !! فلو أن الله سبحانه وتعالى عجّلَ العقاب لكل مذنب حين يقع في ذنب لما كان هناك حلم ، ولو أن الله عز وجل أخّرَ العِقاب ويريد بعد تأخير العقاب أن يوقع بهذا الإنسان أشد العقاب ، فقد قال العلماء : هذا هو الحقد ، وحاشا لله , فالله يؤخر العقاب ليُعطي هذا الإنسان فُرصةً ليعود وهذا هو الحلم .
روي أن إبراهيم عليه السلام رأى رجلاً مشتغلاً بمعصية ، فقال اللهم أهلكه ، فأوحى الله إلى إبراهيم أن يا إبراهيم لو أهلكنا كل عبد عصى لما بقي إلا القليل ، ولكن إذا عصى أمهلناه، فإن تاب قبلناه فإن أصر أخّرنا العقاب عنه لعلمنا بأنه لا يخرج عن ملكنا .
المؤمن العادي الحليم ينطوي على نفسٍ وديعة ، صافية ، مُسالِمة لا حقد فيها فكيف بالله رب العالمين !
الله عز وجل يحب الحليم لأنه حليم ، و الحليم يحب الحليم ، وعلاقتنا بهذا الاسم كمؤمنين ، أن نكون حلماء ، فما الطريق إلى الحلم؟
التفكّر باسم الحليم طريق إلى أن نكون حلماء ، هناك طريق آخر ، أن يكون الإنسان متحلماً ، أي يتصنع الحلم .
قال تعالى:
الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
(سورة آل عمران )
فالقرآن ذكر كظمُ الغيظ ، وحث عليه وأثاب عليه والنبي سماه تحلّم , يعني خُلُق الحلم الأصيل بدايته تكون بالتحلّم ، تحلمت أول مرة والثانية والثالثة والرابعة والخامسة ، فمن تراكم هذه المواقف البطولية ، يكون الحلم .
إن الحِلم حارس أمين يحول دون حماقات كبيرة جداً قد تتردى فيها وتكون عاقبتها مدمرة والعكس صحيح إذ قد يكون والحِلم سبباً لتكون هادياً وداعياً إلى الله سبحانه، والحِلم محبوب، إذ كاد الحليم أن يكون نبياً ، و الحلم سيد الأخلاق .
والعلماء قالوا : " الحليم من كان صفّاحاً عن الذنوب ستاراً للعيوب " ، الحليم هو الذي غَفَرَ بعدما ستر ، الحليم يحفظ الوِدّ ويُحسِنُ العَهد ، ويُنجِزُ الوعد ، الحليم يُسبِل سِتَرَ عفوهِ على العُصاة ويسحب ذيلَ عفوهِ على الفُجّار ، الحليم الذي لا يستخفّهُ عصيانُ عاصِ ولا يستفزّهُ طُغيانُ طاغٍ .