أجد الناس تهتم في ذي الحجة بصيام تسع أيام منه , وتتصدق وتقرأ القرآن وتصلي وتبذل من الأعمال الخيرة ما تبذل , وتنسى أن الله سبحانه وتعالى أقسم بالعشر , أي أن يوم العيد من هذه الأيام العظيمة , ولكن يغفل الكثير عنه , ويوم العيد منفردا يوم عظيم , فما بالكم به وقد أتى في عشر عظيمة وشهر حرام من أحب الأشهر إلى الله ؟
كيف نستعد ليوم العيد ؟؟
في كثير من بيوتنا , وكثير من أهلنا يظنون أن العيد للبس الجديد أو طعام شهي ونزهة مثيرة
يظنون أن العيد أفلام وهرج ومرج وزينة
كثير من الشباب يعتقد أن العيد قد جاء لإشباع رغباته المكبوتة المحرمة , فيبطش ويعصي الله , وإذا سألته .. قال : نحن في عيد
فأنت بفهمك للمعنى الحقيقي للعيد , تكون قد استعددت لقدومه , وتجهزت لاستقباله
فللعيد معنى إسلاميا ,, يظهر في شكر الله على نعمة تمام العبادة , عبادة الصيام قبله , لا يقولها المؤمن بلسانه إنما بقلبه قبل لسانه
ويبرز المعنى الإسلامي في التضحية والنحرلله , وما ذلك إلا تقربا لله وطلب مغفرته وامتثال أوامره , وتجد الحاج مستسلما ليد الحلاق يحلق شعره الذي حافظ عليه وطيبه ورجّله وهو سعيد وفرح يذكر الله , يرمي حجرا ويسعى ليقبل آخر يوم العيد , يوم أن يتحلل الحجاج من إحرامهم , فهو يوم عبادة
وللعيد معنى إنسانيا , حينما يلتقي الغني بالفقير , يصلون في الخلاء سوية , يبتسمون لبعضهم , يضحكون , يسلمون على أنفسهم , فيعود الغني مسرورا ويعود الفقير مرضيا
والعيد في معناه الروحي , حيث تجد العاصي والمذنب , تجد العابد والتائب , تجد الجميع مجتمعين , فتجد العاصي قد شعر بقرب من الله سبحانه وتعالى , وتجد العابد قد زادت روحه رقيا , وكأن سيئات هؤلاء وصلاح الصالحين قد ضربوا في بعضهم فخرجت شحنة جديدة , شحنة إيمانية أعادت الجميع لربهم وجعلت أقدامهم على أول عتبات القرب من الله سبحانه وتعالى
تجد للعيد معنى زمنيا فعندما مر العيد على الرافعي تنبه إلى معانيه العظيمة فكتب عنه كثيرا ومما كتب : ليس العيدُ إلا إشعار هذه الأمة بأنَّ فيها قوة تغيير الأيام، لا إشعارها بأنَّ الأيام تتغير .. فالعيد حفل سنوي يذكرنا بانتصارات واجتماعات ناجحة
تجد في العيد يجتمع المسلمون , يهنئون بعضهم , يضحكون , فترى في اجتماعهم الضاحك قوة , وفي مسامرتهم مشورة , وفي تهنئتهم رباط لم يستطع غيرهم أن يصنعوه
تجد في كل عيد منحة , فهي منحة من الفقراء للأغنياء , ومنحة الله لعباده الأغنياء , ففي الفطر صدقة الفطر التي يردها الغني للفقير , فتجعل الفقير يرضى عنه , يحبه يشكره , تجعلهم مترابطين , متكافلين , يشعر بعضهم ببعض
وفي الأضحى تجد الأضحية , فيوزع الغني على أهله والفقراء من أضحيته , فيأنسوا بهديته , فتزداد رابطة الحب , والتكافل بين المسلمين
ومعنى اجتماعيا , ربما لو بحثت عن اسم مختلف للعيد لما وجدت غير يوم الفرح , وأي فرح لا يكون إلا في اجتماع بشري , تجد أفضل من يفهمون معنى العيد هم الأطفال , فتجد حبهم له ولهفتهم عليه تجعلهم يحسبون الأيام حتى لقياه , فهو يوم الفرح , يوم لعب الطفل مع الطفل والطفل مع البالغ , يوم يشعر ان العالم كله جعل عيدا , فيستهلك كل طاقته
حتى يظن الناظر إلى الطفل عند نومه انه قد اكتفى لعبا وفرحا , فتجده يصحو صباحا ليواصل فرحه ولعبه , فأظن أن الأطفال قد فهموا العيد عن البالغين , فالعيد هو معنى , وليس يوما , فلو كان العيد يوما لانتهى بميلاد اليوم التالي , إنما العيد معنى للصفات والأعمال المتجددة , هو معنى يجب أن يظل في قلوبنا , معنى الفرح , معنى التوبة , معنى الطاعة , معنى التضحية , معنى الاستسلام , معنى التكافل , معنى الكرم , معنى الطاعة , معنى الجماعة , معنى الجسد الواحد
ربما لدى البعض أكون قد انتهيت من معنى العيد .. ولكن في بلدنا الحبيسة , فالعيد يمر على الجميع كأنه عيد , ويجيء على أقوام هم منا في درجة المجاهدين , فيمر عليهم بحزن يلفهم وألم يعتصرهم , وفرحة باهتة , قوم أسر والدهم أو أخوهم او ولدهم
فتجد الحزن قد أصاب الأسير .. وأهله
ألا ليت في العيد أناس يفهمون معانيه التي وضعها الله سبحانه وتعالى لها , حتى إذا قضوا الصلاة عادوا إلى بيوتهم على قلب رجل واحد , فتقوى شوكتهم بين الأمم , ويعود المسلمين كما بدأوا .. جماعة
فلن يصلح أمر الجماعة الحالية للمسلمين إلا بما صلحت به الجماعة الأولى
تقبــــــــــــــــــــــــل الله منــــا ومنـــــــــــــــــــــكم
وعيد سعيد مبارك عليكم