-----------------------------------------------------
(7)- الشفاعة:
ــــــــــــــــــــــ
قال اللّه تعالى:
{اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ }البقرة255
قال اللّه تعالى:
{يَوْمَئِذٍ لَّا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً }طه109
أي في ذلك اليوم لا تنفع الشفاعة أحدًا من الخلق, إلا إذا أذن الرحمن للشافع, ورضي عن المشفوع له, ولا يكون ذلك إلا للمؤمن المخلص.
قال اللّه تعالى:
{وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ }سبأ23
أي ولا تنفع شفاعة الشافع عند الله تعالى إلا لمن أذن له.
قال اللّه تعالى:
{قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }الزمر44
قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: لله الشفاعة جميعًا, له ملك السموات والأرض وما فيهما, فالأمر كله لله وحده, ولا يشفع أحد عنده إلا بإذنه, فهو الذي يملك السموات والأرض ويتصرف فيهما, فالواجب أن تُطلب الشفاعة ممن يملكها, وأن تُخلص له العبادة.
قال اللّه تعالى:
((وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاء ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاء لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ{94}))الانعام
قال اللّه تعالى:
{وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }الزخرف86ولا يملك الذين يعبدهم المشركون الشفاعة عنده لأحد إلا مَن شهد بالحق, وأقر بتوحيد الله وبنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وهم يعلمون حقيقة ما أقروا وشهدوا به.
قال اللّه تعالى:
{هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاء فَيَشْفَعُواْ لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ }الأعراف53
قال اللّه تعالى:
{يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ }الأنبياء28
وما من أعمال الملائكة عمل سابق أو لاحق إلا يعلمه الله سبحانه وتعالى, ويحصيه عليهم, ولا يتقدمون بالشفاعة إلا لمن ارتضى الله شفاعتهم له, وهم من خوف الله حذرون من مخالفة أمره ونهيه.قال اللّه تعالى:
{وَلَمْ يَكُن لَّهُم مِّن شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاء وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ }الروم13
ولم يكن للمشركين في ذلك اليوم من آلهتهم التي كانوا يعبدونها من دون الله شفعاء, بل إنها تتبرأ منهم, ويتبرؤون منها. فالشفاعة لله وحده, ولا تُطلَب من غيره.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
كنا مع النبي في دعوة فرفع إليه الذراع وكانت تعجبه فنهس منها نهسة وقال أنا سيد الناس يوم القيامة هل تدرون مم ذاك يجمع لله الأولين والآخرين في صعيد واحد فيبصرهم الناظر ويسمعهم الداعي وتدنو منهم الشمس فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون فيقول الناس ألا ترون إلى ما أنتم فيه وإلى ما بلغكم ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم :
فيقول : بعض الناس لبعض أبوكم آدم فيأتونه .
فيقولون : يا آدم أنت أبو البشر خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأمر الملائكة فسجدوا لك وأسكنك الجنة ألا تشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه وما بلغنا .
فقال : إن ربي غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولا يغضب بعده مثله وإنه نهاني عن الشجرة فعصيت نفسي نفسي نفسي ذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى نوح فيأتون نوحا .
فيقولون : يا نوح أنت أول الرسل إلى أهل الأرض وقد سماك لله عبدا شكورا ألا ترى إلى ما نحن فيه ألا ترى إلى ما بلغنا ألا تشفع لنا إلى ربك .
فيقول : إن ربي غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله وإنه قد كان لي دعوة دعوت بها على قومي نفسي نفسي نفسي ذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى إبراهيم فيأتون إبراهيم .
فيقولون : أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه فيقول لهم إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله وإني كنت كذبت ثلاث كذبات فذكرها نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى موسى فيأتون موسى. فيقولون : يا موسى أنت رسول الله فضلك الله برسالاته وبكلامه على الناس اشفع لنا إلى ربك أما ترى إلى ما نحن فيه فيقول إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله وإني قد قتلت نفسا لم أوامر بقتلها نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى عيسى فيأتون عيسى .
فيقولون : يا عيسى أنت رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وكلمت الناس في المهد اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه .
فيقول عيسى: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله ولم يذكر ذنبا نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى محمد فيأتوني .
فيقولون : يا محمد أنت رسول الله وخاتم الأنبياء وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه .
فأنطلق فآتي تحت العرش فأقع ساجدا لربي ثم يفتح الله علي من محامده وحسن الثناء عليه شيئا لم يفتحه على أحد قبلي ثم يقال يا محمد ارفع رأسك سل تعطه واشفع تشفع فأرفع رأسي فأقول أمتي يا رب أمتي يا رب أمتي يا رب فيقال يا محمد أدخل من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب ثم قال والذي نفسي بيده إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وهجر أو كما بين مكة وبصرى. ( رواه البخاري ومسلم).
وعن أنس رضي الله عنه قال :
سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يشفع لي يوم القيامة.
فقال : أنا فاعل إن شاء الله تعالى .
قلت: فأين أطلبك .
قال : أول ما تطلبني على الصراط .
قلت : فإن لم ألقك على الصراط .
قال : فاطلبني عند الميزان .
قلت : فإن لم ألقك عند الميزان .
قال : فاطلبني عند الحوض .
فإني لا أخطىء هذه الثلاثة مواطن .
(رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب والبيهقي في البعث وغيره)
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الشهيد يشفع في سبعين من أهل بيته .
(رواه أبو داود وابن حبان في صحيح)
وعن سهل بن سعد رضي الله عنه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
ليدخلن الجنة من أمتي سبعون ألفا أو سبعمائة ألف متماسكون آخذ بعضهم ببعض لا يدخل أولهم حتى يدخل آخرهم وجوههم على صورة القمر ليلة البدر. (رواه البخاري ومسلم)
ذكر أبو بكر البزار عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
يحمل الناس يوم القيامة على الصراط فيتفادع بهم جنبا الصراط تفادع الفراش في النار ثم يؤذن للملائكة والنبيين والشهداء والصالحين فيشفعون ويخرجون من في النار .
وروي في الصحيح:
إن أول من يشفع المرسلون ثم النبيون ثم العلماء .
وعن عبد الله بن شقيق قال :
جلست إلى قوم أنا رابعهم فقال أحدهم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ليدخلن الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من بني تميم قلنا سواك يا رسول الله قال سواي قلت أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم فلما قام قلت من هذا قالوا ابن الجدعاء أو ابن أبي الجدعاء .
(رواه ابن حبان في صحيحه وابن ماجه إلا أنه قال عن شقيق عن عبد الله بن أبي الجدعاء ).
وفي مسند البزار:
قال: رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: إن من أمتي من يشفع للفئام من الناس ومنهم من يشفع للعصبة ومنهم من يشفع للقبيلة، ومنهم من يشفع للرجل وأهل بيته .
وعن أبي ذر رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي :
1- جعلت لي الأرض طهورا ومسجدا .
2- وأحلت لي الغنائم ولم تحل لنبي كان قبلي .
3- ونصرت بالرعب مسيرة شهر على عدوي .
4- وبعثت إلى كل أحمر وأسود .
5- وأعطيت الشفاعة وهي نائلة من أمتي من لا يشرك بالله شيئا .
(رواه البزار وإسناده جيد إلا أن فيه انقطاعا )
وروى الدارقطني عن أبي أمامة قال:
قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: نعم الرجال أنا لشرار أمتي .
قالوا : كيف لخيارها.
قال: أما خيارها فيدخلون الجنة بأعمالهم، وأما شرار أمتي، فيدخلون الجنة بشفاعتي .
وروي عن عوف بن مالك قال:
قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: أتاني آت من عند اللّه فيخبرني بين أن يدخل نصف أمتي الجنة وبين الشفاعة فاخترت الشفاعة وهي لمن مات لا يشرك باللّه شيئاً .
وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري قال:
إن ناساً قالوا يا رسول اللّه هل نرى ربنا يوم القيامة.
قال: رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: " نعم " .
قال : هل تضارون في رؤية الشمس بالظهيرة صحواً ليس معها سحاب، وهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر صحواً ليس فيها سحاب .
قالوا: لا يا رسول اللّه.
قال : ما تضارون في رؤية اللّه تبارك وتعالى يوم القيامة إلا كما تضارون في رؤية أحدهما، إذا كان يوم القيامة أذن مؤذن ليتبع كل أمة ما كانت تعبد، فلا يبقى أحد كان يعبد غير اللّه سبحانه من الأصنام والأنصاب إلا يتساقطون في النار حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد اللّه من بر وفاجر وغُبَّرِ أهل الكتاب فيدعى اليهود فيقال لهم ما كنتم تعبدون؟
قالوا: كنا نعبد عزير بن اللّه .
فيقال: كذبتم ما اتخذ اللّه من صاحبة ولا ولد فماذا تبغون؟ .
قالوا: عطشنا ربنا فاسقنا، فيشار إليهم ألا تردون فيحشرون إلى النار كأنها سراب يحطم بعضها بعضاً، فيتساقطون في النار، ثم يدعى النصارى فيقال لهم ما كنتم تعبدون؟ .
قالوا: كنا نعبد المسيح ابن اللّه.
فيقال لهم : كذبتم ما اتخذ اللّه من صاحبة ولا ولد.
فيقال لهم: ماذا تبغون، فيقولون عطشنا يا ربنا فاسقنا قال فيشار إليهم ألا تردون فيحشرهم إلى جهنم كأنها سراب يحطم بعضها بعضاً فيتساقطون في النار حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد اللّه تعالى من بر وفاجر أتاهم رب العالمين سبحانه وتعالى في أدنى صورة من التي رواه فيها.
قال : فما تنتظرون تتبع كل أمة ما كانت تعبد .
قالوا: يا ربنا فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم ولم نصاحبهم.
فيقول: أنا ربكم .
فيقولون: نعوذ باللّه منك لا نشرك باللّه شيئاً - مرتين أو ثلاثاً - حتى أن بعضهم ليكاد أن ينقلب فيقول: هل بينكم وبينه آية فتعرفونه بها .
فيقولون: نعم. فيكشف عن ساق فلا يبقى من كان يسجد للّه من تلقاء نفسه إلا أذن اللّه له بالسجود، ولا يبقى من كان يسجد اتقاء ورياء، إلا جعل اللّه ظهره طبقة واحدة كلما أراد أن يسجد خرَّ على قفاه، ثم يرفعون رؤوسهم وقد تحول في صورته التي رأوه فيها أول مرة.
فقال : أنا ربكم .
فيقولون : أنت ربنا، قد أخذت النار إلى نصف ساقية وإلى ركبتيه ثم يضرب الجسر على جهنم وتحل الشفاعة، ويقولون اللهم سلم سلم.
قيل يا رسول اللّه وما الجسر؟ قال: دَحضٌ مزلة فيه خطاطيف، وكلاليب وحسكٌ تكون بنجد فيه شويكة يقال لها السعدان، فيمر المؤمنون كطرفة العين وكالبرق وكالريح وكالطير وكأجاويد الخيل والركاب فناج مسلم ومخدش مرسل ومكدوس في نار جهنم حتى إذا خلص المؤمنون من النار فو الذي نفسي بيده ما منكم من أحد منكم بأشد منشدة للّه في استقصاء الحق من المؤمنين للّه يوم القيامة لإِخوانهم الذين في النار يقولون: ربنا كانوا يصومون معنا ويصلون ويحجون، فيقال لهم أخرجوا من عرفتم، فتحرم صورهم على النار، فيخرجون خلقاً كثيراً قد أخذت النار إلى نصف ساقيه وإلى ركبتيه.
ثم يقولون: ربنا ما بقى فيها أحد ممن أمرتنا به.
فيقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من خير فأخرجوه خلقاً كثيراً.
ثم يقولون : ربنا لم نذر فيها أحداً ممن أمرتنا .
ثم يقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال من خير فأخرجوه، فيخرجون خلقاً كثيراً، ثم يقولون: ربنا لم نذر فيها خيراً .
فيقول اللّه: شفعت الملائكة، وشفع النبيون، وشفع المؤمنون، ولم يبق إلا أرحم الراحمين فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوماً لم يعملوا خيراً قط، قد عادوا حمماً فيلقيهم في نهر في أفواه الجنة، يقال له نهر الحياة،فيخرجون كما تخرج الحبة في حميل السيل، ألا ترونها تكون إلى الحجر أو إلى الشجر ما يكون إلى الشمس أصيفر وأخيضر وما يكون منها إلى الظل يكون أبيض.
فقالوا : يا رسول اللّه كأنك كنت ترعى بالبادية .
قال: فيخرجون كاللؤلؤ في رقابهم الخواتمن فيعرفهم أهل الجنة هؤلاء عتقاء اللّه الذين أدخلهم اللّه الجنة بغير عمل عملوه ولا خير قدموه، فيقال لهم لكم ما رأيتم ومثله معه.
الشفاعات خمس:
أولها: الإِراحة من هول الموقف وتعجيل الحساب وهي مختصة بمحمد صلى الله عليه وسلم.
والثانية: في إدخال قوم الجنة بغير حساب، وهي أيضاً وردت له صلى الله عليه وسلم.
والثالثة: قوم استوجبوا النار فيشفع فيهم نبيا ومن شاء اللّه يشفع له.
والرابعة: في زيادة الدرجات في الجنة لأهلها.
والخامسة: فيمن دخل النار من المذنبين فيشفع فيهم نبياً وغيره من الأنبياء والملائكة وإخوانهم المؤمنين، ثم يخرج اللّه كل من قال لا إله إلا اللّه من غير شفاعة شافع حتى لا يبقى فيها إلا الكافرون .
كما في حديث عن أنس:
ثم أعود الرابعة فأحمده بتلك المحامد ثم أخرُّ له ساجداً، فيقال يا محمد ارفع رأسك وقل تسمع وسل تعطه واشفع تشفع، فأقول يا رب ائذن لي فيمن قال لا إله إلا اللّه، قال ليس ذلك إليك لكن وعزتي وكبريائي وعظمتي وجبروتي، لأخرجن من قال لا إله إلا اللّه - أي أتفضل بإخراجهم دون شفاعة شافع- فهؤلاء هم الذين معهم مجرد الإيمان وهم الذين لم يؤذن في الشفاعة فيهم وإنما دلت الآثار أنه أذن لمن عنده شيء زائد على الإيمان :
من عمل صالح .
أو ذكر خفي .
أو عمل من أعمال القلب.
من شفقة على مسكين .
وخوف من اللّه .
ونية صادقة في عمل فاته . وجعل للشافعين من الملائكة والنبيين دليل عليه، وتفرد اللّه بعلم ما تكنه القلوب، والرحمة لمن ليس عنده سوى الإيمان، فقوله مثقال ذرة من إيمان ومن خير الصحيح أن معناه شيء زائد على مجرد الإيمان لأن مجرد الإيمان الذي هو تصديق لا يتجزأ، فعليك يا أخي بالإيمان، بأن تعتقد بقلبك دين الإسلام وتنطق مع ذلك بالشهادتين، فإن اقتصرت على أحدهما خلدت في نار جهنم التي وقودها الناس والحجارة، ولا تنفعك شفاعة شافع ثم عليك أن تحترز من المعاصي فإن المعاصي بريد الكفر.
قال بعضهم:
إذا أبقيت الدنيا على المرء دينه فما فاته منها فليس بضائر
(